من يشاهد الدمار الذي لحق بقطاع غزة، بشرياً وعمرانياً واقتصادياً ومالياً ونفسياً، لا يسعه إلا أن يدعو الله ويرجوه أن تلاحق لعناته كل من تسبَّب بهذا الدمار. إذ كيف، والله، لا نلعن المتسبب بعد كل الدمار والخراب الذي أصاب الحجر والشجر والبشر؟! كيف يمكن ألا نلعن حماس وقادتها، وقد قضوا على كل مقومات الحياة الكريمة في قطاع غزة؟

أكانت حماس تتوقع عند هجومها ألا تردّ إسرائيل الصاع صاعين، وألا توجه لها، ولقطاع غزة، الضربة تلو الضربة، بعد غزوة بلدات غلاف قطاع غزة، وهي ضربات لن تتوقف في ظل الرغبة الإسرائيلية بالانتقام، والغطاء الدولي الذي تحظى به، وفي ظل غياب أي قوة يمكن أن تجبر إسرائيل على وقف حربها على غزة.

أما كان يجدر بحماس، وقد أثبتت قدراتها على التخطيط، أن توظف تلك القدرات والطاقات في بناء قطاع غزة، فتكمل ما وصل إليه من نمو كان يحسدها عليها الكثير من العرب والمسلمين الذين يعيشون في اليمن أو الصومال وغيرهما من الدول، والتي أصبح الغزيون الآن يتمنون الوصول إليها، ويرون فيها شاطئ الأمان؟!

ألم يكن يجدر بحماس أن توظف الموارد البشرية والمالية التي ضيعتها في بناء قدراتها العسكرية وتشييد الأنفاق، لتطوير غزة وبشرها وعمرانها وشوارعها؟ فتلك القدرات العسكرية أثبتت أنها قادرة على إصابة إسرائيل بخدوش، ولكنها طبعاً غير قادرة على إلحاق الهزيمة بها، والدلائل أمام أنظارنا جميعاً واضحة.

الدمار الذي سببته حماس لقطاع غزة لن يتوقف، حتى لو توقفت حرب إسرائيل ضدها، فهو سيستمر كما يبين تاريخ منظماتنا "المجيد"، ولا أعتقد أنَّ هذا الدمار يبشر بخير، كما يتخيل الواهمون بالنصر، فهو سيكون جزءاً من مسلسل طويل سيستمر لسنوات، وسيؤدي إلى تغيير في جغرافيا وطبوغرافيا وديمغرافيا قطاع غزة، ليس على الأمد القريب فحسب، بل على الأمد البعيد أيضاً.

هنيئاً لقادة حماس ما حققوه في القطاع، وما سيتحقق في الضفة الغربية والقدس، فالمسار بيِّن وواضح، وبعد الدمار هروب ولجوء وحياة بؤس وشقاء، سواء أكان في القطاع أو خارجه، ومن لم يلجأ سيهاجر، فكثيرون يفكرون اليوم بالهجرة بعد أن أفقدتهم حماس كل معاني الحياة، هذا إن وجدوا سبيلاً إلى الهجرة والخروج من القطاع والضفة، فالدواعي الوطنية والقومية الزائفة ستمنعهم وستبقيهم على حالهم كما بقي اللاجئون الفلسطينيون عشرات السنوات لاجئين محاصرين مسجونين في مخيمات اللاجئين في سوريا ولبنان والأردن.

شكراً لحماس أنها حولتنا إلى مشاريع لجوء جديد، هذا إن بقينا على قيد الحياة بعد أن دمرت ذواتنا. أفلا تستحق حماس، بعد، كل هذه اللعنات، بعد أن قادت الفلسطينيين إلى التهلكة وجعلت منهم وقوداً للنار؟!